سورة الأعراف - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


إفاضة الماء: صبه، ثم استعمل في الشيء الكثير ويقال (اعطاه غيضاً من فيض) أي قليلاً من كثير.
في هاتين الآيتين مشهد من مشاهد الآخرة بين أصحاب الجنة. فبعد أن بين الله تعالى مقال أهل الجنة لأهل النار، ومقال أصحاب الاعراف لأهل الجنة- ذكر كيف يستجدي أهلُ النار، بعد أن لفحتهم حرارةُ النار واشتد بهم الظمأ، من أهل الجنة ان يمنحوهم شيئا مما يتمتعون به من شارب وطعام: فينادونهم قائلين: أفِيضوا علينا بعض الماء، أو أعطونا شيئاً من طيبات المأكل والملبس في الجنة فيجيبهم أهل الجنة: اننا لا نستطيع، لان الله تعالى حرّم ماء الجنة ورزقها على الكافرين، كما حرم عليهم دخولها.
وقد وصف أهلُ الجنة الكافرين بأنهم كانوا السببَ في ذلك الحرمان: {الذين اتخذوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا} أي شَغَلتْهم بزخارفها، وكان دينهم اتّباعَ الهوى والشهوات. لقد ظنّوا أن الحياة الدنيا لا حياةَ غيرها، فعكفوا على الجانب الماديّ المظلم، وحرموا انفسهم من الجانب الروحي المشرق. هكذا عاشوا في ظلام المادّة وهم يحسبَون أنهم يُحسِنُون صنعا.
وكثيراً ما يضيف القرآن الكريم هذا الوصفَ إلى الكفار ويعلن انه سبب نكبتم وسوء مصيرهم.
بعد هذا يسمع أهل لنار الحكم الالهي العادل: {فاليوم نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هذا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}.
فاليوم نعاملهم معاملةَ الشيء المنسِيّ الذي يبحث عنه أحد لقد جَحَدوا بآيات الكون فلم تفتّح لها يعونُهم، ولم تتجه إلهيا قلوبُهم، وأعرضوا عن حكم الله وإرشاده. بذلك نسُوا لقاءَ يومهم هذا، فوقعوا فيما وقعوا فيه.


الكتاب: القرآن الكريم. التفصيل: التبين بوضوح ينظرون: ينتظرون تأويله: عاقبته. الحق: الأمر الثابت خسروا انفسهم: غبنوها وهلكوها. ضل عنهم: غاب عنهم.
بعد أن بين الله احوال أهل الجنة وأهل النار وأهل الاعراف وما دار بينهم من حوار، عقَّب بذِكر حال القرآن الكرين، وأنه حجةُ الله على البشر كافة، أزاح عِلل الكفار وأبطل معاذيرهم. ثم أردف تعالى بذِكر حال المكذبين وما يكونم منهم يوم القيامة من الندم والحسرة وتمنّي العودة إلى الدنيا ليعملوا غير الذي كانوا يعلمون. لكن، هيات.. لقد فات الأوان وطُويت حياة العمل.
لقد جئناهم بكتابٍ كامل البيان هو القرآن فصّلنا آياتِه تفصيلاً على علم منّا، فيه أدلّةُ التوحيد وآياتُ الله في الكون، وما يحتاج اليه المكلَّفون من العلم والعمل وفيه بيان الطريق المستقيم.
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} هل ينتظرون إلا عاقبةَ ما وُعدوا به على أَلسنة الرسُل من الثواب والعقاب؟ ليس أمامهم شيء ينتظرونه إلا وقوعَ تأويله من امر الغيب لاذي يقع في المستقبل، في الدنيا ثم في الآخرة.
{يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الذين نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحق}.
ويوم يأتي هذا المَآل، وهو يوم القيامة، وينكشف كل شيء- يقول الذين تركوا اوامره وبياناته، معترفين بذنوبهم: قد جاءنا الرسُل من عند ربِّنا داعيِين إلى الحق الذي أُرسلوا به، فكفرنا بهم.
ثم ذكر الله حالهم في ذلك اليوم العصيب، وتلهُّفَهم على النجاة. فقال: {فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ}.
هنا يتمنَّوْن الخلاصَ بكل وسيلة ممكنة، إما بشفاعةِ الشافعين، وإما بالرجوع إلى الدنيا. ولك ذلك مستحيل.
{قَدْ خسروا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}.
قد غبنوا أنفسَهم بغرورهم في الدنيا وباعو نعيم الآخرة الدائمَ بالخسيس من عَرَضٍ الدينا الزائل، وغاب عنهم ما كانوا يكذِبونه من ادْعاءِ إلةٍ غير الله.


الرب: السيد والمالك والمربي. الآله: هو المعبود بحق. والله: اسم الخالق الخلق اجمعين. السماوات والارض: هذا الكون وجميع ما فيه. اليوم: هو هنا غير أيامنا التي نحسب بها العرش: سرير الملك وكرسيه في مجلس الحكم والتدبير استوى على العرش: استولى عليه وملكه غشّى الشيُّ: غطاه وستره. وأَغشاه اياه جعله يغطيه ويستره حثيثا: سرعيا مسخَّرات: مذلللات خاضعات لتصرفه، منقادات ملشيئته الخلق: الايجاد بقدر تبارك الله: تعاظمت بركاته: والبركة هي الخير الكثير الثابت.
في الآيات السابقة كان القول في أمر المَعادِ والفئات من الناس في ذلك اليوم، وما يدور من حوار بين لتك الفئات. وهنا، يذكر الخَلق والتكوينَ وبيان قدرته تعالى وعظيم مصنوعاته.
إن ربّكم الذي يدعوكم بواسطة رسُله إلى الحق هو خالقُ الكون ومبدعه: خلق السماوات والأرض في ستة أيام. وهي غير أيامنا المعروفة لأن الإنسان عندما يخرج من جو الأرض ينعدم لديه الزمان المعروف عندما ويصبح غير محدود، كما قال تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} هذا مع انه جل جلاله قارد على أن يخلق الكون في لحظة واحدو، ولكنه يقرّب إلى أفهامنا الأمور على قدر مانستطيع فهمها.
{ثُمَّ استوى عَلَى العرش...} ثم استولى على السلطان الكامل.
وهو الذي يجعل الليلَ يستر النهارَ بظلامه، ويعقِّب الليلَ النهارَ سريعاً بانتظام كأنه يطلبه كذلك خلقَ الشمسَ والقمر والنجوم، وهي خاضعة له مسيِّراتٌ بأمره. إن له وحده الخلقَ والأمَر المطاع {تَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين}.
وقد تضمنت هذه الآية الكريمة ثلاثة معان:
اولها: أن السماواتِ والأرضَ خلقهما الله تعالى في ستة أيام، لكنها ليست بقدر ما نراه الآن ونعيش فيه، ونعدّه في الحساب، بل المراد يتغر أحوالٍ بين ظَلام وغَبَش، وإصباح وضُحى، وظهيره وأصيل.
والأحوال الستةُ التي اعتُبرت أياماً كما يذكرها العلماء المختصّون، هي: حال الأثير، وهي التي عَبَّر عنها في سورة الدخان بأنها دخان. ثم كان من هذا الأثير شموسٌ لا حصر لها، منها شمسُنا ثم الأرض والكواكب وهذا النظام الذي نعيش فيه، وهو ذرّةٌ في هذا الكون الواسع.
ثانيها: أن كلّ ما في الكون هو في سلطان الله وحده، ولا سلطان لأحد سواه ومهما يُؤْتَ الإنسان من قوةٍ فلن يستطيع تسيير الكون على ما يريد، وأقصى ما يستطيعه أن ينتفع به، ويعرف بضع ما فيه من أسرار.
ثالثها: أن تعاقب الليل والنهار جاءَ بعد خلْقِ الأرض والسماوات، في احوال نسبية بالنسبة لأصل تكوين الأرض والعلاقات بينهما وحركاتهما.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبو بكر عن عصام: {يُغَشّى}، بالتشديد وقرأ نافع وبان كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص {يُغْشي} بضم الياء وسكون الغين.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10